كنت اظن ان مهمة العرافات هي أستغلال حاجات البسطاء من الناس ورغبتهم بحل مشاكلهم, وعوضاً عن حل هذه المشاكل بطريقة موضوعيه وواقعيه يلجأ هؤلاء الى الهروب من الحاظر للأرتماء بأحظان المستقبل علهم يجدون الحل او على الأقل يجدون من يطمئنهم أن هذا الحاظر السيئ سيتغير للأحسن, وطبعا حلقة الوصل بين هؤلاء والمستقبل هي العرافه التي تتنبئ لهم معظم الأحيان بالخير من أجل أكرامها في الأجر.
لكن ماحدث لي قبل عام جعلني أكون أكثر تقديرا وأحتراما للعرافات, ففي وقتها كنت بأحدى الدول العربية ولحبي لكل ماهو قديم وشعبي قمت بزيارة بعض المناطق الأكثر شعبية مع اثنين من زملاء الدراسة.
أوقفتني حينها إمرأة عجوز كانت بدوية من مظهرها وتقاسيم وجهها وأثار الوشم او كما نسميه "الدق" أسفل شفتيها, لا أعلم سبب أختيارها لي بالذات قد يكون بسبب توسطي لأثنين من اصحابي او لسبب آخر الله وهي أعلم به.
كانت لهجتها جميلة جدا تستخدم البلاغة والشعر الشعبي, ولم يستوقفني شي مما قالته لي بشأن حياتي وأهلي لأنه قد يصيب هذا الكلام مع معظم الناس, ولكن عندما قالت لي (ان الرجال يحبونك وانت بعيد عن البنات) وقفت و لصدمتي أبعدت أصحابي, وأخذتها بعيداً في احد الزوايا و كانت تقول لي (أرمي ورقك) وتعني (مالك) أعطيتها احدى الاوراق النقديه وسألتها عن قصدها ففصلت لي ماتعنيه ولا أخفيكم اني خجلت منها حينها, فهي لم تقل لي اني "مثلي جنسيا" حرفياً, إلا أنها قالتها بتعابيرها المتواضعة و كلماتها البسيطة, ثم قالت لي (أرمي ورقك) و للمره الثانيه أعطيتها المال لتزيدني من حديثها ومما تخفيه, فقالت أني سأتزوج وسأنجب أثنين من الاولاد ولد وبنت وان الولد سيكبر كفاية ليتولى هو دفن والداي!!! وطلبت أن (أرمي ورقي) فأعطيتها ماتريد وتحدثت بعدها عن اشياء عامه تخصني وتخص أسرتي ومستقبلي لا ارى فيها شي مميز.
وبعد حديثها قالت لي بلهجتها العامية (في أحد شرب من قهوتك وخانك)!! , إلا أني لم اعرف من تقصد بأنه خانني وأظنها أستخدمت هذه الجملة لتختم بشئ من الأثارة والأكشن.
الجدير بالذكر أني أنتبهت وقد أعطيت هذه العرافه الجشعه معظم مابمحفظتي من اجل معلومة "أني مثلي جنسياً" وهذه المعلومة لم تكن غائبة عني ولكن الجميل في الأمر ان تقابل شخص لديه فراسة يبوح مابداخلك ويزيح شيئ من الثقل ولو للحظات..